استيراد مياه الشرب للتغلب على زيادة الطلب عليها في غزة
دعا الباحث في مجال علوم المياه إبراهيم ماضي، إلى استيراد مياه الشرب من الخارج؛ بهدف التغلب على زيادة الطلب عليها في غزة، وتقييم الوضع الحالي للموارد المائية سواء من حيث الكمية والجودة، واقتراح أفضل الاستراتيجيات لإدارتها حتى عام 2035.
ويعتبر الخزان الجوفي مصدر المياه الأساسي للاستخدام السكاني والصناعي والزراعي لأكثر من مليون وسبعمائة الف نسمة يقطنون قطاع غزة، وأدى الفرق بين مستوى المياه الجوفية ومستوى مياه البحر، والناتج عن السحب الجائر من الخزان الجوفي ونقص المياه المعروضة للخزان لحدوث تداخل بين مياه البحر المالحة والمياه العذبة للخزان –بحسب ماضي-.
هذا ما دفع الباحث لتقييم مصادر المياه بمعياري الجودة والكمية بوضعها الحالي في غزة واقتراح أفضل الاستراتيجيات لإدارة مصادر المياه حتى عام 2035 بناء على نموذج التحسين”Optimization Model”، خلال دراسة أعدها بداية عام 2010 وخلص منها في مايو 2013 بعنوان: “إدارة مصادر المياه في قطاع غزة حتى عام 2035”.
وشدد ماضي خلال حديثة لـ”فلسطين”، على ضرورة اقتراح سيناريوهات مختلفة لمصادر إدارة المياه، وإضافة مصادر غير تقليدية لها والاستفادة من مياه الأمطار وحقنها في الخزان الجوفي، والتوجه لتحليله مياه البحر، إلى جانب استخدام المياه المعالجة في ري المزروعات مثل أشجار اللوزيات والنخيل والمحاصيل العلفية بهدف التقليل من تكلفة الري لبعض المزروعات.
مياه الشرب
ودعا الباحث في مجال علوم المياه ، لاستحداث وسائل جديدة للتقليل من تدهور الخزان الجوفي، وأن تتعاون كافة الوزارات والجهات والمؤسسات المعنية من أجل إدارة منظومة جيدة للمياه، ومحاكاة الخزان الجوفي في القطاع باستخدام نموذج التدفقات ثلاثي الأبعاد استنادًا إلى كميات الأمثل.
وتم سحب عينة من 83 بئرا من مياه الشرب المنتشرة في القطاع بهدف التعرف على جودة ونوعية المياه”، لافتًا إلى أن الدراسة أظهرت أن نسبة الكلوريد تجاوزت 250ملجم/ لتر في معظم العينات، وهذا يتنافى مع الحد المسموح به، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وبين أن أعلى نسبة في الكلوريد سجلت في مدينة غزة بمعدل 3273ملجم/لتر، في حين سجلت أقل نسبة للكلوريد شمال القطاع حيث بلغت 70ملجم/لتر، مضيفًا ان “تجاوز تركيز النترات أيضًا الحد المسموح به وفقا لمعايير منظمة الصحة العالمية وهو 50 ملجم/لتر في أغلب مناطق قطاع غزة”.
وذكر أن أعلى متوسط لتركيز النترات في سجل في محافظة خان يونس أي بمعدل 109ملجم/لتر، بينما سجل أقل متوسط في مدينة بيت حانون بمعدل 42ملجم/لتر.
وأشار ماضي، إلى أن تجاوز نسبة تركيز المواد الصلبة الذائبة الحد المسموح به في منظمة الصحة العالمية وهو 500ملجم/لتر في أغلب العينات، مؤكدًا أنه تم تسجيل أعلى تركيز في منطقة مدينة غزة وصلت لـ 7000ملجم/لتر، وسجلت أقل نسبة في شمال القطاع بمعدل 250ملجم/لتر.
نتائج إيجابية
وأكمل: “تم استخدام تطبيق الخوارزميات – في الدراسة- لحل المعادلة غير الخطية عن طريق تحسين الفوائد وتقليل التكاليف باعتبار مائة جيل للحل وباستخدام لغة البرمجة MATLAB R2011b.
ومضى ماضي يقول: “إن نتائج حل المسألة الخاصة بمصادر المياه على المنظور القريب والمتوسط والبعيد للسنوات 2015، 2025، 2035 أظهرت أن تطبيق نموذج التحسين سيؤدي إلى استراتيجية تعطي نتائج أفضل لإدارة مصادر المياه في غزة”.
ولفت إلى أن نتائج النموذج الإداري المطور الذي اعتمدته الدراسة أوضحت إمكانية التطبيق وقدرات المنهجية المقترحة والخاصة بالإدارة الفضلى للسحب من الخزان الجوفي الساحلي”.
وشدد على ضرورة إحلال مصادر غير تقليدية للمياه كتحلية مياه البحر بكميات 125 مليون متر مكعب في السنة، إلى جانب العمل على استيراد مياه الشرب من مصر بكمية اجمالية تصل لـ 20مليون متر مكعب في السنة، واستخدام 30مليون متر مكعب في السنة من المياه المعالجة للزراعة وجمع مياه الأمطار من المرافق العامة والبيوت السكنية بكمية 18مليون متر مكعب في السنة بهدف حقنها في الخزان الجوفي.
وتابع قائلًا: “إن نماذج التنبؤ لمناسيب الخزان الجوفي وتركيزات الكلوريد باستخدام برنامج VMODFLOW Pro أظهرت أنه بعد إضافة مصادر المياه الجديدة باستخدام نتائج نموذج التحسين الذي تم تطويره وملاحظة التغيرات في منسوب الخزان الجوفي، وجود تحسن ملحوظ في مستوى المياه، بالإضافة إلى جودة “خزان” في معظم المناطق وخاصة المنطقة الوسطى في القطاع”.
جودة المياه
وأكمل: “وصل مستوى الخزان الجوفي إلى 13مترا أعلى من منسوب البحر في المنطقة الشرقية واظهر أيضا تحسنًا في كل من المنطقة الشمالية والجنوبية حيث وصل إلى 3م و 4م أسفل منسوب البحر على التوالي وذلك بالمقارنة بالمقترحات التحسينية الموصى بها في دراسة GETAP”.
وأمضى يقول: “أظهرت الدراسة تحسنا في جودة المياه في كل من المنطقة الوسطى والشرقية نتيجة حقن الخزان من مياه الامطار المجمعة والمياه الراجعة من استهلاك الابار البلدية، بالإضافة إلى (10%) من المياه الزراعية.
ورأى الباحث ماضي، أن مناطق الخزان الجوفي ستظل تعاني من الملوحة الشديدة بسبب تداخل مياه البحر المالحة مع الخزان الجوفي مؤكدا على ضرورة استحداث وسائل جديدة للتقليل من تدهور الخزان الجوفي.
ولفت إلى أنه اتبع خلال الدراسة اسلوب النمذجة والتحسين وتطبيق الخوارزميات لحل المعادلة غير الخطية والنموذج الرياضي باستخدام برنامج VMODFLOW Pro، والذي أظهر أن الخزان الجوفي سيطرأ عليه تحسينات كبيرة من ناحية الكمية والجودة في قطاع غزة.
استراتيجية وطنية
وعن تقرير الأمم المتحدة الذي نشر مؤخرًا، الذي قالت فيه: إن غزة ستواجه كارثة محققة في كافة المجالات، وستكون غير قابلة للحياة في عام 2020، قال ماضي: “هذا التقرير يحتاج إلى مراجعة فقطاع غزة سيبقى قابلا للحياة حتى عام 2035 وذلك من خلال استخدام إدارة غير تقليدية لمصادر المياه”.
وأضاف: “إن بعض الدراسات والاستنتاجات والأرقام التي توصلت إليها الأمم المتحدة غير دقيقة؛ وخاصة في مجال المياه”، مشيرًا إلى أنه في حال تم اعتماد نفس المنهج في البحث ستبقى غزة قابلة للحياة حتى بعد 2035 ولن تنكسر.
ودعا كافة الجهات المعنية والوزارات لتبني هذا النموذج واعتباره استراتيجية وطنية لإدارة مصادر المياه على المنظور القريب والمتوسط والبعيد حتى عام 2035 لجعل القطاع مكانًا ملائمًا للحياة.
وأكد الباحث في مجال علوم المياه ، أنه تمكن من تطوير برنامج لإدارة المياه في قطاع غزة وقال:” سأهديه لكافة المعنيين عند زيارتى لقطاع غزة منتصف الشهر المقبل”.
www.felesteen.ps